لقد أُنعِم على المملكة العربية السعودية بقائد عظيم هو الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، خادم الحرمين الشرفين والرجل الذي يتمتع بحكمة وسخاء استثنائيين. عهده هو عهد التحولات بكل ما للكلمة من معنى. لقد أثبت أنه من أعظم القادة في زماننا، وأنه عروبيٌّ، ورجل الشعب الذي يولي اهتماماً شديداً لهموم السعوديين ومخاوفهم، ويتجاوز مختلف العقبات للدفاع عن مصالحهم ومصالح حلفاء المملكة في الخليج. إنه من الطينة نفسها التي ينتمي إليها الأبوان المؤسّسان لدولة الإمارات، المغفور لهما الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، اللذان كانا مفكّرَين طليعيين رحومَين ومتعاطفَين مع الشعب لم يهابا العمل من أجل شقّ مسارٍ نحو مستقبل أفضل.
سخاء العاهل السعودي يُضرَب به المثل. لقد أنفق مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية نحو مليارَي دولار على الصحة والزراعة واللاجئين والمياه والصرف الصحي والنظافة في أكثر من أربعين بلداً. تشمل البرامج إعادة تأهيل الجنود الأطفال، وتأمين المأوى والغذاء والكراسي المتحركة لسكّان المناطق التي تعاني من الحروب والكوارث. وحبّه لشعبه واضح للعيان قبل وقت طويل من ارتقائه عرش المملكة إثر وفاة الملك عبدالله. وعندما كان أميراً لمنطقة الرياض لفترة طويلة تجاوزت الخمس عقود استمرت حتى 2011، تحوّلت المدينة إلى عاصمة عصرية ومزدهرة وخالية من الفساد. يقول الملك سلمان: «كل قرية أو بلدة في منطقة الرياض عزيزة عليّ، ولها مكانة خاصة في قلبي. شهدتُ على كل خطوة قامت بها مدينة الرياض، ولهذا السبب يصعب عليّ أن أفكّر في التواجد بعيداً من الرياض».
وقد عمل جاهداً عندما كان أميراً على منطقة الرياض، لاستقطاب الاستثمارات الخارجية، وتحسين البنى التحتية، وذاع صيته كشخصية تسعى لإحلال السلام، وتسوية النزاعات بين القبائل، والحرص على معاملة جميع الشرائح الاجتماعية بعدالة واحترام. باختصار، يحبّ شعبه ويسعى بكل ما أوتي من قوة من أجل تأمين رفاههم. غالباً ما يجول بينهم للاطلاع على احتياجاتهم وتطلعاتهم عن كثب.
شهدت المملكة العربية السعودية، في عهد الملك سلمان، تحسينات واسعة، على المستويَين الاقتصادي والاجتماعي، وُضِعت موضع التنفيذ تحت إشراف نجله ولي العهد الأمير محمد الذي يعمل على تحقيق الانفتاح السعودي على العالم الخارجي. من المشاريع السياحية الطموحة والكثيرة التي يجري العمل على تنفيذها، منتجعات في الجزر السعودية في البحر الأحمر مستوحاة من نموذج المالديف. الشباب السعودي سعيدٌ ومتحمّس لانتشار المسارح ودور السينما وأماكن الترفيه. حصلت المرأة، لأول مرة، على حقها في القيادة، وفُتِحت أمامها خيارات مهنية متنوّعة. ينخرط عدد متزايد من النساء في الرياضة، وباتت المرأة قادرة على حضور الفعاليات الرياضية كمتفرِّجة في أماكن محددة من دون أن يرافقها وصيٌّ عليها. في الوقت نفسه، تم تقليص السلطات التي كانت تتمتع بها الشرطة الدينية المعروفة بـ«المطاوعة»، والتي كانت تزرع الرعب في النفوس في ما مضى. خلال زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الرياض، دشّن العاهل السعودي المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف «اعتدال» الذي يعمل على نشر الاعتدال وقبول الآخر. يتصدّى خبراء متخصصون في التعرّف على أنماط الخطاب المتشدد، للدعاية المتطرفة عبر الإنترنت، ويرصدون التقارير التي تنشرها وسائل الإعلام.
«رؤية المملكة 2030» هي مبادرةٌ عبقرية بكل ما للكلمة من معنى في مسعى لتنويع الاقتصاد بعيداً من الاعتماد على النفط، مع التزامات في قطاعَي التعليم والابتكار، والعمل على خصخصة الأصول المملوكة من الدولة، ووضع حد للفساد. تتمثّل أهدافها الأساسية في تطوير الاقتصاد، وتأمين فرص للأعمال، واستحداث وظائف، مع تعزيز الشفافية في الحكم.
إنها خطوات بالغة الأهمية في البلد العربي الأكثر محافظية الذي يحتضن أبرز الأماكن الدينية المقدسة في الإسلام، وحيث لا يمكن أن يتحقق تغيير جذري بين ليلة وضحاها من دون أن يتسبب ذلك برد فعل سلبي. يجد الملك نفسه مضطراً إلى السير على حبل رفيع بين تيسير التقدم والحفاظ على الأعراف التقليدية.
يحرص الملك على النهوض بأعباء دوره كخادم للحرمَين الشريفين من دون أي تمييز. فعلى الرغم من العلاقة المشحونة بين السعودية وإيران، شارك أكثر من 85000 إيراني في مناسك الحج هذا العام، وأشادوا بالترحيب الذي حظوا به. إنه حريص جداً على تأمين أفضل الأجواء الممكنة للحجّاج من أجل ممارسة شعائرهم الدينية وطقوس العبادة. أنشأ طريقاً سريعاً للربط بين مكة المكرمة والمدينة المنوّرة، ومن المتوقّع أن ينقل نحو 60 مليون شخص سنوياً. ويجري العمل على تنفيذ مشاريع للبنى التحتية تبلغ تكلفتها 80 مليار دولار أميركي، بهدف زيادة الإمكانات، ومن هذه المشاريع بناء أكبر فندق في العالم. والملك سلمان يصعد مزيداً من درجات السلم كي يحقق حلمه بالنهوض ببلاده، ولهذه الغاية يجب أن يحصل على التشجيع من المجتمع الدولي.
بصراحة، شعرتُ بصدمة وحزن شديدَين إزاء الاتهامات التي أطلقتها وسائل الإعلام زوراً بحق الملك ونجله على خلفية قضية خاشقجي. لم يكن وارداً على الإطلاق بالنسبة إلي أن يكون أيٌّ منهما قد أصدر الأمر بتنفيذ هذه الجريمة النكراء. وقد تبيّن أنني على حق بعد صدور نتائج التحقيقات السعودية. ما جرى هو أن عناصر مارقين أوكِل إليهم إقناع خاشقجي، المواطن السعودي الذي يُعتقَد أنه «تعاون مع منظمات وبلدان معادية للمملكة»، بالعودة إلى بلاده، تجاوزوا صلاحياتهم. وقد أشادت الولايات المتحدة وفرنسا وباكستان بنتائج التحقيقات، وبالتوقيفات.
وُجِّهت اتهامات إلى خمسة أشخاص، وسوف يُحكَم عليهم بالإعدام في حال مضى المدعون العامون قدماً بإجراءاتهم. وعارٌ على من استخدم هذه الجريمة سعياً وراء مآرب سياسية!
وقد تهافتت وسائل الإعلام الغربية على نشر تقارير «إخبارية» مليئة بالمزاعم والتكهنات التي لا أساس لها من الصحة، واصفةً خاشقجي بأنه مجرد صحافي، وتغاضت بذلك عن انتماءاته إلى منظمات مشبوهة وروابطه التآمرية مع أعداء وطنه المعروفين. إنما ارتُكِبت جريمةٌ مرفوضة ما كان ينبغي أن تقع، وتم الإقرار بها، وتجري محاسبة الجناة، وسوف يتم إحقاق العدالة.
يجب التوقف فوراً عن شيطنة السعودية وقيادتها. المملكة من أعمدة العالم العربي، استقرارها وقوتها عاملان أساسيان لمنطقتنا وديانتنا، وكذلك للأمن والازدهار في العالم. وما دامت المملكة بقيادة أشخاص مثل الملك سلمان صاحب القلب الرؤوف واليد الحازمة والقوية، لن ينجح أيّ متواطئ أو متآمر في إلحاق الأذى بنا.
كان الله في عونك جلالة الملك، لعملك المتواصل من أجل وحدتنا، ومن أجل أن تبقى رؤوسنا مرفوعة وأبيّة.
*كاتب إماراتي